صديقتي منذ زمن لم أزرها وقررت القيام بزيارة مفاجئة لها وكم فرحت بي وعرفتني على ضيوفها ومن الضيوف امرأة طاعنة فيالسن وطفل لا يتجاوز عمره العامين وتوقعت أنه أصغر أحفادها.
وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث والذكريات ونضحك وإذ بصديقتي تهمس لي "أتعرفين من يكون هذا الطفل الذي يحوم حول المرأة العجوز" فقلت بثقة: لا بد أنه حفيدها.
فابتسمت وقالت: توقعت منك هذا الجواب.
دهشت واستحوذني الفضول
وقلت: من يكون إذا
فهمست انه ابنها.
وكم كانت دهشتي فقلت :كيف لا يعقل أن تنجب من بعمرها .واضطررت البقاء حتى يغادر الضيوف لأعرف القصة.
وبعد ذهابهم مباشرة بادرت بفتح الموضوع أفهميني كيف يعقل أن تكون أم هذا الطفل وقد توقعت أنه أصغر الأحفاد فجاوبتني وملامح الحزن بادية على وجهها وقالت: إن الله كريم جدا مع عباده.
وابتدأت تسرد لي قصة حياة هذه المرأة التي رزقت بطفل وحيد وباءت كل محاولاتها هي وزوجها لإنجاب المزيد من الأطفال بالفشل وبعد مرور السنوات واقتناعهما بأن هذا الطفل هو ما قسم الله به لهما كرسوا كل حياتهم من أجله وراعوه برمش العين من كل النواحي وكان يكبر وتكبر فرحتهم به وهو ينتقل من مرحله دراسية الى مرحله أعلى حتى تخرج طبيب يفخرون به ولم يبقى لهذا الحبيب الغالي الا الفرحة بالعروس وهذا ما كان وجدوا له من تليق به وذهب ليحضر باقة من الزهور ليحملها الى عروس المستقبل التي سيزورها هو وأهله تلك الليلة ولكن القدر كان بانتظاره والزهور لم تصل لزوجة المستقبل لأنه لم يعد فقد ألم به حادث مروع في الطريق أودى بحياته وكيف ستتلقى الأم المفجوعة بوليدها الوحيد مثل هذا الخبر دارت الدنيا بها ووقعت مغشيا عليها وجاء الطبيب كي ينعشها ويصف لها دواء يعينها على محنتها ولكن العناية الالهية سبقته وأرسلت ما يعينها على الصبر فبعد معاينتها أعلن الطبيب أن المرأة حامل وهنالك جنين في رحمها قد تكون ولذلك لم يصف لها الا الفيتامينات والمقويات وكم كانت دهشة الجميع
كيف؟
ومتى؟
ولماذا الآن ؟
والكل ينظر للسماء ويقول:
سبحان الله!
سبحان الله !
سبحان الله!
وبالفعل ماهي الا عدة شهور وجاء هذا الطفل الذي كان فيه الرحمة والسلوان للأبوين المنكوبين
ومسحت دموعي وأنا استمع وما كان مني الا أن أقول:
"سبحانك يا ربي كم أنت عظيم برحمتك ".
ردودكم :س4: