نهاية أم لثلاثة أبناء وزوجه لرجل من ابناء عمومتها ، تسكن هذه الاسره في قرية من قرى النباعي التابعة لناحية الكرمه ، وبعد الاحتلال الامريكي البغيض لقطرنا المناضل وتكالب زمر الرذيله على بغداد الرشيد لتسقط مرة اخرى بيد التتار عجل الله فك أسرها، آثرت هذه العائلة المباركه طريق المقاومة للمحتل الغاشم وأذنابه ، وذهب الاب والابناء الى سوح الوغى والجهاد في سبيل الله والمرأه الصابره المحتسبه قائمة على شؤون المنزل تهيئ كل المتطلبات التي يحتاجها الاب والابناء وماهي إلا أشهر معدودات وانتقل الاب الى رب الارض والسموات نحتسبه شهيداً ولا نزكيه على الله ، فما كان من هذه المرأه الصابره إلا أن احتسبته عند الله كتلك الصحابيه التي فقدت أبوها وأخوها وزوجها في معركة أحد ، ولما جاءها الخبر قالت :- ورسول الله ؟ قالوا :- هو بخير فقالت دلوني عليه ، فلما رأته قالت كل مصيبه بعدك يارسول الله جللُ ، ولسان حال نهاية الحلبوسية ، كل مصيبه بعد الاسلام وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعودةالعراق حراً أبياً جلل !.
ولكن نار الشوق والحنين الى الزوج الشهيد لم تنطفي في قلب نهاية رغم وجود الابناء المجاهدين الثلاثة وتغير الدور فهاهي نهاية الحلبوسي تنخرط مع صفوف المجاهدين ، كانت تقوم بجلب الطعام والمؤونه الى أبنائها في ساحة المعركه ومقارعة فلول المحتل الغاشم واستمرت في هذا الدور والقلب يتقطع شوقاً وحسرة للقاء رفيق العمر وحبيب الحياة زوجها، وقد يداخلها أحياناً لوناً من الوان الغيره وشعور حب التملك ، فكيف يكون زوجها هناك في الجنه مع الحور العين وهي هنا في هذه الحياة الدنيا ومن تربيتها الاسلامية علمت أن اكثر نساء أهل الدنيا في النار كما ورد في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقامت تحث الخطى لتموت شهيدة في سوح الوغى ليجمعها الله بزوجها ويجعلها من نسائه في الجنه انشاء الله .
وذات يوم وهي تحمل الطعام والمستلزمات الاخرى الى ابنائها الثلاثة وهم يكمنون لدورية من دوريات الاحتلال ، فاذا بطائره امريكية تقصف المكان ، وأخيراً تحققت الامنية وهاهي نهايه تزف عروساً الى زوجها الشهيد ولكنها ليست وحدها وانما معها أبنائهاالثلاثة ليكتمل لقاء الأحبه هناك في الجنه إن شاءالله مع الزوج ومع محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه وهذه القصه تذكرني بقصة الخنساء فقد كانت في الجاهلية قبل أن تسلم جزعه، قتل أخوها صخر ،فندبته وبكته كثيراً حتى فقدت بصرها، ولكنها لما حضرت معركة القادسية ومعها بنوها ، اربعه رجال فجمعتهم ليلة المعركة وقالت لهم :- يابني: إنكم اسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ،وانكم لبنو رجل واحد ، كما إنكم بنو ؛إمرأه واحده ، ماخنت أباكم ، ولافضحت خالكم ، ولاهجنت حسبكم ، ولاغيرت نسبكم.
وذكرتهم بآيات الوعد بجزيل الثواب للصابرين في مواطن القتال وقالت :-فان أصبحتم غداً – إن شاء الله - سالمين ، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين فاذا رايتم الحرب شمرت عن ساقها .. فتيمموا وطيسها تظفروا بالخلد والكرامه في دار الخلود و المقامه.
فلما أضاءلهم الصبح باكروا مراكزهم، وباشروا القتال ، حتى قتلوا كلهم . فلما بلغ الخبر الخنساء أمهم قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وارجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته .
تأخر على الخنساء قليلاً الاجتماع بابنائها في جنان الخلد ولكن الشهيده نهايه الحلبوسية حقق الله لها أملها ورجائها بان تكامل اجتماع الاسره هناك في رحمة الله ان شاء الله الاب والام والابناء الثلاثة ، فرحمهم الله جميعاً ونقول لهم طبتم أحياءاً وطبتم ميتين ونسأل الله لكم الفردوس الاعلى من الجنة ان شاءالله .