السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة الدنيا التي يطلبها ويخطب ودها كثير من الناس كما وصفها النبي ،
فهي مبغوضة، ساقطة لا تساوي ولا تعدل عند الله جناح بعوضة، وكم يساوي جناح
البعوضة في موازين الناس؟ أم لعله يسمن أو يغني من جوع؟ فكل ما يبعد عن
طاعة الله تعإلى ملعون مبغوض عنده سبحانه.
...قال تعإلى:
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ
مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ
وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
[الحديد:20]،
يحذر المولى عز وجل عباده من الانجراف في مزالق الحياة
الغادرة وعدم الإخبات اليها أو الإذعان اليها أو اتخاذها وطناً وسكناً
وأنها غادرة ماكرة ما لجأ إليها أحد أو رجاها من دون الله إلا خذلته، وتخلت
عنه؛ فهي حقيرة عند الله عز وجل كحقارة الميتة عند الناس، وإنما جعلها
الله فتنة للعباد؛ ليرى الصابر والشاكر، والمغتنم لأوقاته لما فيه رضا ربه
سبحانه، ممن عكف عليها وأقام وأناب إليها ومن قضى أيامه ولياليه من أجلها،
فلا يستوي الفريقان عند الله أبداً،
قال تعإلى: فريق في الجنة وفريق في السعير [الشورى:7] وقال تعإلى:
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا
النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي
الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ
[فاطر:19-22]،
الأعمى هو من ضل عن منهج الله تعإلى وركن إلى الدنيا واطمأن
لأنه عاش في هذه الدنيا أعمى وفي الآخرة أعمى وأضل سبيلاً،
ولذا قال
الله عز وجل: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
[الحج:46]،وذلك لإعراضه عن ذكر الله تعإلى فالأحياء هم المؤمنون والأموات
هم الكفار، فالحياة حياة إيمان والموت موت كفر والعياذ بالله