موضوع: حكاية مــن تلك الغابة .. الجمعة مارس 11, 2011 7:39 am
عادل الصفار : النهر الكبير الذي يمر في قريتنا يمتد إلى قرى أخرى بعيدة عنا، وذلك بعد مروره بطرف غابة ذات أشجار ونباتات كثيفة.. وهذه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]كثيراً ما يتمنى الحطابون دخولها ليجنوا منها أخشاباً يبيعونها بأثمان باهظة للنجارين والبنائين، لأنه خشب يدخل في صناعة الأثاث والشبابيك والأبواب، كما يستعمله البناءون أعمدةً لسقوف المنازل.. لذا يفوقُ ثمنه أضعاف ثمن الخشب الذي يُستعمل وقوداً للخبز والطهي والتدفئة وصناعة الفحم.. ولكن ما يمنع الرجال من دخول هذه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]هو كثرة ذئابها أثناء الليل.. وذات يوم اتفق ستةٌ من الحطابين على دخولها بعد أن جلسوا وناقشوا الأمر بينهم، وتعاهدوا على الأمانة والإخلاص في التعاون للحصول على خشب جيد، وقد كانت خطتهم هي التناوب بين العمل وحراسة المكان من الذئاب. وفي اليوم التالي ومع بزوغ أول ضوء للفجر حملوا أمتعتهم من طعام وشراب وما يحتاجون إليه أثناء رحلتهم، ثم انطلقوا بزورق كبير. وبعد أن وصلوا الغابة.. ركنوا زورقهم وشدوا حباله إلى الشاطئ ثم حملوا عدة عملهم وأسلحتهم التي يدافعون بها عن أنفسهم من خطر الذئاب، وتوجهوا للتوغل داخل الغابة.. وقبل شروعهم بالعمل جلسوا للراحة وشرب الشاي، فابتعد أحدهم مسافة ليجمع بعض الأغصان اليابسة كي يجعلوها وقوداً لصنع الشاي.. وبينما هو كذلك سمع صوت أنين يصدر من بين أشجار أمامه، اقترب من المكان وهو يحدق فيه فإذا به يشاهد شخصاً موثوقاً بالحبال إلى جذع إحدى الأشجار، فما كان منه إلا منادة أصحابه، واتجهوا مسرعين لنجدته.. وبينما هم منشغلون في حل وثاق الرجل أسرع أحدهم لإحضار قربة الماء.. وبعد أن غسلوا وجهه وسقوه قليلاً مددوه على فراش ليستعيد بعض نشاطه.. ثم نهضوا بعد شرب الشاي فوزعوا المهام بينهم، تركوا أحدهم لطهي الطعام وآخر لحراسة المكان من خلال مراقبة اتجاهات الغابة، فيما انصرف الباقون للعمل. وحين جلسوا للراحة وتناول الطعام كان الرجل ما يزال مهموماً كئيباً يخيم على وجهه حزن ثقيل، لذا حاول الأصدقاء مواساته والتخفيف عنه.. خاطبه أحدهم قائلاً: يا أخي دع عنك الحزن والهم وابتسم للحياة، واحمد الله تعالى على سلامتك.. هيا تناول الطعام معنا فأنت متعب وجائع بالتأكيد، وبعدها سنرى ما يجب لمساعدتك.
وبعد أن فرغوا حملوا الرجل في زورقهم ليوصلوه إلى أقرب قرية يستطيع منها الذهاب إلى بلدته بعد أن استمعوا إلى حكايته إذ قال لهم: كنت منذ زمن مضى في رحلة.. عملت خلالها وحصلت على رزق لأطفالي وزوجتي.. وحين أردت العودة طلبت من صاحب زورق أن يوصلني إلى بلدتي حيث تسكن عائلتي ومن حولهم أقاربي وأصحابي.. لكن صاحب الزورق ظهر أنه ليس بالرجل الأمين، فما أن عرف بالمال الذي معي شهر سلاحه بوجهي وهددني بالموت.. فكانت النتيجة أنه أوثقني بالحبال إلى جذع الشجرة وسرق أموالي هارباً بها.. لقد كِدْت أموت عطشاً وجُوعاً وخوفاً لولا أنكم أنقذتم حياتي.. فتألم الأصدقاء لحاله.. وحمدوا الله أنهم استطاعوا إنقاذه قبل فوات الأوان.. وجعلوا يخففون عنه هول الصدمة قائلين: المهم أنك ستعود إلى عائلتك سالماً.. وسيفرحون برؤيتك بعد غياب طويل.. أما المال فلا يهمك أمره مقابل عودتك سالماً.. فجأة..!! وإذا بهم يشاهدون زورقاً مركوناً أمامهم على الشاطئ.. حدق الرجل فيه وصرخ قائلاً: يبدو أنه زورق اللص الذي سرق أموالي..!! فهيأ الأصدقاء أسلحتهم وهم يقولون للرجل: اخفض صوتك وانتظر، سنعرف كل شيء بعد قليل.. وما أن وصلوا قرب الزورق حتى سمعوا أنين شخص يتألم.. لحظات وإذا بالرجل الذي معهم يجد نفسه وجهاً لوجه أمام الشخص الذي سرق أمواله، وقف يحدق فيه وهو يتلوى من الألم فقد لدغته أفعى سامة وهو يقضي حاجته في هذا المكان.. فما كان من الأصدقاء إلا أن حملوه إلى زورقهم.. وانطلقوا مسرعين.. وبينما هم كذلك أخرج الرجل المصاب كيس النقود من تحت ملابسه وقدمه لصاحبه قائلاً: خذ مالك.. ماذا سأفعل به وأنا أموت بسم الأفعى..؟! فتلقفه بلهفة قائلاً: الحمد لله لقد عاد لأطفالي رزقهم.. لكنه في الوقت ذاته كان ينظر إلى الرجل السارق المصاب بعين الحنان وهو يقول له: أشعر أنَّ مِنْ واجبي البقاء إلى جانبك في المستشفى حتى تشفى..! فبكى الرجل المصاب.. ودمعت أعين الأصدقاء من شدة تأثرهم بموقفه النبيل وهم يرددون: بارك الله فيك.. إنك خيرُ من يقابل الإساءة بالمعروف..!! عاد الأصدقاء متجهين بزورقهم إلى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وقد جلبوا معهم طعاماً إضافيا يكفيهم لعدة أيام، لكنهم وصلوا مع غروب الشمس.. سمعوا عواء ذئب فشعروا بأنهم مهددون فقد تهاجمهم الذئاب في أية لحظة.. قال أحدهم: ماذا نفعل لا وقت لدينا لبناء ملجأً يحمينا..؟! فأشار عليهم آخر: دعونا نحفر حُفَراً حول مكاننا، ونوقد في كل حفرة ناراً.. وعلى الفور أيده الآخرون: نعم.. الذئاب لا تقترب من النار.. فانطلق اثنان منهم لجمع الحطب من أغصان يابسة وغيرها مما تناثر على أرض [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]من أخشاب ونباتات شوكيه، فيما انشغل ثلاثة منهم في الحفر وواحد يراقب المكان بدقة وسلاحه بين يديه.. وما أن وصلت أول وجبة من الحطب حتى بدأوا بإيقاد النار.. وهكذا استمروا بالحفر وإيقاد النار حتى أحاطوا أنفسهم بها.. لكن ذلك لم يبعد الخوف عن قلوبهم، فمع اشتداد الظلام صار عواء الذئاب يشتدد أكثر فأكثر، حتى أن عيونهم بدت تتراءى للأصدقاء متحدية إياهم، الذئاب تنتظر لحظة مناسبة للإنقضاض عليهم مما جعلهم يفكرون على الفور في حفر ملجأً كبير يسعهم جميعاً.. فبدأ ثلاثة منهم يحفرون وثلاثة يراقبون الجهات، وبين لحظة وأخرى يرمون طلقات نارية من أسلحتهم على الذئاب القريبة، منهم فيصيبون بعضها ويهرب البعض الآخر.. وهكذا صاروا يتناوبون العمل والحراسة حتى تمكنوا من حفر ملجأً بعمق متر ونصف المتر تقريباً يساعدهم على الاحتماء.. وبعد هذا العمل الشاق اتفقوا على أن يخلد اثنان منهم إلى الراحة والنوم واثنان لإيقاد النار وإدامة اشتعالها واثنان للمراقبة وتسديد الطلقات نحو الذئاب التي تحاول مهاجمتهم.. وهكذا تناوبوا العمل والحراسة والراحة فيما بينهم حتى أشرقت شمس يوم جديد.. عندها خلد أربعة منهم للراحة واثنان للحراسة وإعداد الطعام.. وبعد منتصف النهار قاموا بتحصين ملجئهم تحصيناً جيداً ليستطيعوا النوم بأمان ويختصروا الحراسة بشخص واحد يراقب المكان من داخل الملجأ أثناء الليل.. وفي النهار كذلك شخص واحد يراقب جميع الجهات أثناء العمل.
وبعد مضي عشرة أيام ملأ الأصدقاء زورقهم الكبير بجذوع الأشجار وانطلقوا عائدين إلى قريتنا، والفرحة تعلو وجوههم بما جنوه من ثمار تعاونهم وجهدهم وإخلاصهم لبعضهم البعض بعهدهم الذي قطعوه على أنفسهم.. وسرعان ما انتشرت في قريتنا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]من تلك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وهي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]رجل مظلوم أنقذوا حياته.. ورجل ظالم عاقبه الله تعالى فنال جزاء ما اقترفت يداه.
سبحان الله .. مايخلي حق احد يضيع هبائن منثورا .. تحياتي لكم ..